اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 291
اى يتوفيهم الملائكة ويقتلهم يوم بدر حال كونهم يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ من يأتى منهم من امامهم وَأَدْبارَهُمْ اى يضربون من خلفهم من يأتى من ورائهم وَيقولون لهم حين ضربهم وقتلهم تقريعا وتوبيخا ذُوقُوا ايها المعاندون المعادون مع الله ورسوله عَذابَ الْحَرِيقِ اى أنموذج عذاب النار حتى تصلوا الى جلها وبالجملة لو رأيت حالهم حينئذ ايها المعتبر الرائي لرأيت امرا فظيعا فجيعا
ذلِكَ العذاب والنكال في النشأة الاولى والاخرى انما عرض عليكم ايها المسرفون بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وبشؤم ما اقترفتم لأنفسكم من الكفر والكفران ومعاداة الرسول وبغض عموم اهل الايمان وبمقدار ما كسبتم بلا ظلم عليكم وعدوان وَاعلموا أَنَّ اللَّهَ المستوي على العدل القويم لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ اى لا يظلم على الذين ظلموا أنفسهم باقتراف المعاصي والآثام بل يجازيهم حسب جرائمهم سواء بسواء عدلا منه سبحانه وكيف لا يجازيهم سبحانه إذ دأب هؤلاء المصرين المعاندين وديدنتهم القبيحة
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ اى سنتهم وعملهم كعمل آل فرعون وسنتهم وَكذا كدأب القوم الَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِهِمْ كعاد وثمود وهم قد كَفَرُوا اى أولئك البعداء الخارجون عن طريق الحق بِآياتِ اللَّهِ المنزلة على رسله عتوا وعنادا كهؤلاء المصرين المستكبرين فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ المنتقم منهم بِذُنُوبِهِمْ التي قد كسبوها بأيديهم لنفوسهم كهؤلاء إِنَّ اللَّهَ المتعزز برداء العظمة والجلال قَوِيٌّ على الانتقام شَدِيدُ الْعِقابِ على من خرج عن مقتضى امره بحيث لا يدفع عقابه شيء
ذلِكَ اى حلول الغضب والنكال عليهم بِأَنَّ اللَّهَ المنعم المفضل لَمْ يَكُ مُغَيِّراً مبدلا ومحولا نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ تفضلا عليهم وامتنانا حَتَّى يُغَيِّرُوا ويبدلوا ما بِأَنْفُسِهِمْ من مقتضيات العبودية والانقياد بالخروج عن حدود الله ونقض عهوده وارتكاب نواهيه ومحظوراته وبتكذيب آياته ورسله كما غيرها قريش خذلهم الله وَأَنَّ اللَّهَ المطلع لأحوال عباده سَمِيعٌ لما يقولون على الله وعلى رسوله حين بطرهم وغفلتهم عَلِيمٌ بما يخفون في نفوسهم من الأباطيل إذ دأب هؤلاء المسرفين المغيرين في ما هم عليه من الوفاق والمظاهرة والاخوة والقرابة
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ خلوا مِنْ قَبْلِهِمْ على ديدنتهم وسنتهم قد كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ كهؤلاء المشركين فَأَهْلَكْناهُمْ واستأصلناهم بِذُنُوبِهِمْ وبشؤم كفرهم وعدوانهم بأنواع العذاب بالطوفان والريح والخسف والكسف وغير ذلك من المصيبات اللاحقة إياهم وَلا سيما قد أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ المبالغين المسرفين في العتو والاستكبار في اليم لانهماكهم في بحر الغفلة والضلال وَبالجملة كُلٌّ من أولئك الطغاة وهؤلاء الغواة قد كانُوا ظالِمِينَ أنفسهم بالخرج عن ربقة العبودية ورق الإطاعة والانقياد لذلك جزيناهم بما جزيناهم وهل نجازي بأمثال هذه الاجزئة الا الكفور.
ثم قال سبحانه تسجيلا عليهم بالكفر والضلال إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ العليم الحكيم المتقن في إظهارها الَّذِينَ كَفَرُوا بالله وبآياته ورسله وقد أصروا عليه بلا تمايل منهم الى الايمان لرسوخهم فيه فَهُمْ من خبث طينتهم وشدة شكيمتهم وضغينتهم لا يُؤْمِنُونَ اى لا يرجى منهم الايمان أصلا عبر سبحانه عن الكفرة بلفظ الدواب لانخلاعهم عن مقتضى الانسانية الذي هو الايمان والمعرفة مطلقا فلحقوا بالبهائم بل صاروا أسوأ حالا منها
لذلك قال سبحانه ان شر الدواب وانما صاروا من شر الدواب لأنهم هم الَّذِينَ قد عاهَدْتَ مِنْهُمْ يا أكمل الرسل وأخذت أنت عنهم مواثيقهم الغليظة
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 291